قوله تعالى: {وإِذا أردنا أن نُهلِك قرية} في سبب إِرادته لذلك قولان:أحدهما: ما سبق لهم في قضائه من الشقاء. والثاني: عنادهم الأنبياء وتكذيبهم إِياهم.قوله تعالى: {أمرنا مترفيها} قرأ الأكثرون: {أَمرْنَا} مخففة، على وزن فَعَلْنا، وفيها ثلاثة أقوال.أحدها: أنه من الأمر، وفي الكلام إِضمار، تقديره: أمرنا مترفيها بالطاعة، ففسقوا، هذا مذهب سعيد بن جبير. قال الزجاج: ومثله في الكلام: أمرتك فعصيتني، فقد علم أن المعصية مخالفة الأمر.والثاني: كثَّرنا يقال: أمرت الشيء وآمرته، أي: كثَّرته، ومنه قولهم: مُهرَةٌ مأمورةٌ، أي: كثيرة النِّتاج، يقال: أَمِر بنو فلان يأمَرون أمراً: إِذا كثروا، هذا قول أبي عبيدة، وابن قتيبة.والثالث: أن معنى {أَمَرْنَا}: أمَّرْنا، يقال: أَمرت الرجل، بمعنى: أمَّرته، والمعنى: سلَّطنا مترفيها بالإِمارة، ذكره ابن الأنباري. وروى خارجة عن نافع: {آمرنا} ممدودة، مثل آمنّا، وكذلك روى حماد بن سلمة عن ابن كثير، وهي قراءة ابن عباس، وأبي الدرداء، وأبي رزين، والحسن، والضحاك، ويعقوب. قال ابن قتيبة: وهي اللغة العالية المشهورة، ومعناه: كثَّرنا، أيضاً. وروى ابن مجاهد أن أبا عمرو قرأ: {أمَّرْنَا} مشددة الميم، وهي رواية أبان عن عاصم، وهي قراءة أبي العالية، والنخعي والجحدري. قال ابن قتيبة: المعنى: جعلناهم أُمراءَ. وقرأ أبو المتوكل، وأبو الجوزاء، وابن يعمر: {أَمِرْنا} بفتح الهمزة مكسورة الميم مخففة. فأما المترَفون، فهم المتنعّمون الذين قد أبطرتهم النعمة وسَعة العيش، والمفسرون يقولون: هم الجبَّارون والمسلَّطون والملوك، وإِنما خص المترَفين بالذكر، لأنهم الرؤساء، ومَن عداهم تبع لهم.قوله تعالى: {ففسقوا فيها} أي: تمردوا في كفرهم، لأن الفسق في الكفر: الخروج إِلى أفحشه. وقد شرحنا معنى الفسق في [البقرة: 26، 197].قوله تعالى: {فحق عليها القول} قال مقاتل: وجب عليها العذاب. وقد ذكرنا معنى التدمير في [الأعراف: 137]. قوله تعالى: {وكم أهلكنا من القرون} وهو جمع قَرن. وقد ذكرنا اختلاف الناس فيه في [الأنعام: 6]، وشرحنا معنى الخبير والبصير في البقرة. قال مقاتل: وهذه الآية تخويف لأهل مكة.